1068-عن أبي هريرة :«أن الناس قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟. فقال رسول الله ﷺ: هل تُضارُّون في القمر ليلة البدر؟. قالوا: لا يا رسول الله، قال: فهل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله، قال: فإنكم ترونه كذلك، يجمع الله الناس يوم القيامة، فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها شافعوها، أو منافقوها -شك إبراهيم- فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون: هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاءنا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يُجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم، وفي جهنم كلاليب مثل شوك السَّعْدَان، هل رأيتم السعدان؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: فإنها مثل شوك السعدان، غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله، تخطف الناس بأعمالهم، فمنهم الموبَق بقي بعمله، أو الموثَق بعمله، ومنهم المُخردل، أو المجازى، أو نحوه، ثم يتجلى، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله أن يرحمه، ممن يشهد أن لا إله إلا الله، فيعرفونهم في النار بأثر السجود، تأكل النار ابن ‌آدم ‌إلا ‌أثر ‌السجود، حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود، فيخرجون من النار قد امتُحِشُوا، فيصب عليهم ماء الحياة، فينبتون تحته كما تنبت الحِبة في حَميل السيل، ثم يفرغ الله من القضاء بين العباد، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار، هو آخر أهل النار دخولا الجنة، فيقول: أي رب اصرف وجهي عن النار، فإنه قد قَشَبَني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فيدعو الله بما شاء أن يدعوه، ثم يقول الله: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء، فيصرف الله وجهه عن النار، فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب قدمني إلى باب الجنة، فيقول الله له: ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غير الذي أعطيت أبدا، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، فيقول: أي رب، ويدعو الله حتى يقول: هل عسيت إن أعطيت ذلك أن تسأل غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، ويعطي ما شاء من عهود ومواثيق، فيقدمه إلى باب الجنة، فإذا قام إلى باب الجنة انفَهَقَت له الجنة، فرأى ما فيها من الحَبْرَة والسرور، فيسكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: أي رب أدخلني الجنة فيقول الله ألست قد أعطيت عهودك ومواثيقك ألا تسأل غير ما أعطيت، فيقول: ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، فيقول: أي رب لا أكونن أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك الله منه، فإذا ضحك منه قال له: ادخل الجنة، فإذا دخلها قال الله له: تمنه، فسأل ربه وتمنى، حتى إن الله ليذكره، يقول: كذا وكذا، حتى انقطعت به الأماني، قال الله: ذلك لك ومثله معه».

صحيح.
الحكم على الحديث :

احتج به البخاري «7437». [صحيح البخاري (9/ 128)]. ومسلم «182». [صحيح مسلم (1/ 112)]. 

أحكام المحدثين :

رواه أحمد «7927». [مسند أحمد (13/ 303 ط الرسالة)]. والبخاري «7437». [صحيح البخاري (9/ 128)]. ومسلم «182». [صحيح مسلم (1/ 112)]. وأبو عوانة «487». [مستخرج أبي عوانة (2/ 177)]. عن إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة رفعه. 

تخريج الحديث :

قوله (تُضارُّون) لا تضرون أحدا، ولا يضركم بمنازعة، ولا مجادلة، ولا مضايقة. وجاء تضارُون بتخفيف الراء، من الضير، وهو لغة في الضر: أي لا يخالف بعض بعضا، فيكذبه، وينازعه، فيضيره بذلك، يقال: ضاره يضيره. وقيل: المعنى: لا تضايقون، أي لا تزاحمون، كما جاء في الرواية الأخرى: “لا تضامُّون” بتشديد الميم، مع فتح أوله. وقيل: المعنى: لا يحجب بعضكم بعضا عن الرؤية، فيضر به. (وفي جهنم كلاليب مثل شوك السَّعْدَان) السعدان ‌نبت ‌كثير ‌الشوك، شوكه كالخطاطيف. (فمنهم الموبَق بقي بعمله) المهلك بعمله السيئ. (المُخردل) المخردل الذي تقطع الكلاليب لحمه، يقال: خردلت اللحم خراديل؛ أي: قطعته قطعا. (امتُحشوا) أُحرقوا، يقال: امتحش الخبز؛ أي: احترق. (فيصب عليهم ماء الحياة) أي الماء الذي من يشربه، أو يتطهر به لم يمت أبدا. (فينبُتون) يقال: نبت نبتا، من باب نصر، والاسم: النبات، (منه) أي بسبب ذلك الماء، فـ “من” سببية، ومعناه: ينبتون بسببه. (كما تنبت الحِبة) بزور البقول والعشب، تنبت في الصحراء والبراري، وجوانب السيول، وجمعها: حبب بكسر المهملة، وفتح الموحدة، بعدها مثلها، وأما الحَبة بفتح أوله، فهي ما يزرعه الناس، وجمعها حبوب بضمتين (في حميل السيل) أي ما يحمله السيل، وهو ما جاء به السيل من طين، أو غثاء، ومعناه: محمول السيل، والمراد به التشبيه في سرعة النبات، وحسنه، وطراوته. (قشبني ريحها) أي: غير جلدي وصورتي وسودني وأحرقني.  (وأحرقني ذكاؤها) اشتعالها ولهبها، ذكت النار تذكو ذكا بالقصر، وذكوا بالضم وتشديد الواو: أي كثر لهبها، واشتد اشتعالها ووهجها. (انفهمت) انفتحت، واتسعت، والمتفيهق: المتوسع في كلامه، والمتكلف فيه. (الحبرة) السرور، وإفراط التنعم. 

شرح مشكل الحديث:
Facebook
X
Telegram
WhatsApp
Threads