احتج به البخاري «5211». [صحيح البخاري (7/ 33)]. ومسلم «2445». [صحيح مسلم (7/ 138)].
بهذا السياق رواه بن راهويه «942». [مسند إسحاق بن راهويه (2/ 390)]. والبخاري «5211». [صحيح البخاري (7/ 33)]. ومسلم «2445». [صحيح مسلم (7/ 138)]. وأبو عوانة «4916». [مستخرج أبي عوانة (11/ 534)]. والنسائي «8883». [السنن الكبرى – النسائي – ط الرسالة (8/ 173)]. عن ابن أبي مليكة، عن القاسم، عن عائشة فذكرته.
قولها (كان إذا خرج أقرع بين نسائه) إذا خرج إلى سفر أقرع بين زوجاته (فطارت القرعة لعائشة وحفصة) طارت أي: حصلت، وطير كل إنسان: نصيبه، فوقعت القرعة على عائشة وحفصة معا (وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث) أن النبي ﷺ لما كان في هذه السفرة، وكانت عائشة وحفصة معه، فإذا كان الليل، وهم سائرون يسير مع عائشة، يتحدث معها، كما هي عادة المسافرين؛ لقطع المسافة. (فقالت حفصة) لعائشة (ألا تركبين الليلة بعيري، وأركب بعيرك) نتبادل البعيرين فأنت اركبي على بعيري وأنا أكب على بعيرك، وكانتا في هودج (فتنظرين) إلى ما لم تكوني تنظرين (وأنظر) إلى ما لم أنظر، وإنما حمل حفصة على ذلك الغيرة التي تورث الدهش والحيرة، وفيه إشعار أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما لم تكونا متقارنتين، بل كانت كل واحدة منهما في جهة. (قالت) عائشة (بلى)؛ أي: فقالت عائشة لحفصة: بلى اركبي جملي، وانظري، وأنا أركب جملك، وأنظر. (فركبت فجاء النبي ﷺ إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم عليها) أي سلم على حفصة (ثم سار حتى نزلوا وافتقدته عائشة) مشى مع حفصة وافتقدت عائشة رسول الله ﷺ؛ أي: في حالة المسايرة، فبسبب ذلك غارت؛ لأن قطع المألوف صعب (فلما نزلوا جعلت رجليها بين الإذخر) جعلت عائشة رضي الله عنها رجليها بين الإذخر، وهو نبت معروف، توجد فيه الهوام غالبا البرية، وإنما فعلت هذا؛ لما عرفت أنها الجانية فيما أجابت إليه حفصة، وأرادت أن تعاقب نفسها على تلك الجناية، (وتقول: يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني) دعاء منها على نفسها بعقوبة لما لحقها من الندم على ما فعلت، ولما تم عليها من الحيلة، ولما حصل لها من الغيرة (ولا أستطيع أن أقول له شيئا) لم تخبر النبي ﷺ، وظاهره أن النبي ﷺ لم يعرف القصة؛ وإنما تمت لحفصة حيلتها عليها، والله أعلم، مع أنه يحتمل أن يكون النبي ﷺ علم ذلك بالوحي أو بالقرائن بالقرائن، وتغافل عما جرى من ذلك؛ إذ لم يجر منهما شيء يترتب عليه حكم، ولا يتعلق به إثم. راجع [البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (39/ 103)].
استدل بعض دعاة اليوم بقولها: (وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث) على أن المشي ليلا مع الزوجة من السنة، وليس كذلك، فالنبي ﷺ إنما كان يمشي مع عائشة رضي الله عنها ليلًا حال السفر. فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ :«كان إذا خرج أقرع بين نسائه، فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي ﷺ إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث، فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري، وأركب بعيرك؟..». [صحيح البخاري (7/33)]. فقوله: (إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث) هذا حال المشي لقطع الطريق. قال العيني: «والحاصل أن النبي ﷺ لما كان في هذه السفرة، وكانت عائشة وحفصة معه، فإذا كان الليل وهم سائرون، يسير مع عائشة يتحدث معها كما هي عادة المسافرين لقطع المسافة». [عمدة القاري شرح صحيح البخاري (20/197)].
وتكلّم الفقهاء عن هذا في مسألة القسم بين الزوجات في المسير، ولم يقل أحدٌ إن هذا سُنّة. قال القرطبي: «فيحتمل أن هذا القدر لا يجب القَسم فيه، إذ الطريق ليس محل خلوة، ولا يحصل لها به اختصاص، ويحتمل أن يُقال: إن القدر الذي يقع به التسامح من السير والحديث مع إحداهما هو الشيء اليسير كما يفعل في الحضر، فإنه يتحدث ويسأل وينظر في مصلحة بيت التي لا يكون في يومها، ولكن لا يكثر من ذلك ولا يطيله، وعلى هذا فيكون النبي ﷺ إنما أدام ذلك، لأن أصل القسم لم يكن عليه واجبًا». [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/330)].
فتبيّن أن هذا لم يقع سُنّة، وإنما وقع عرضًا حال السير في السفر لا غير. ونحو هذا حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: «بِتَ عند خالتي ميمونة، فتحدث رسول الله ﷺ مع أهله ساعة ثم رقد». [صحيح البخاري (6/41)]. فلماذا لا يُقال إن الحديث مع الزوجة قبل النوم ساعة سُنّة؟!
والحاصل: أن ما ورد من مشي النبي ﷺ مع عائشة رضي الله عنها ليلًا، أو حديثه مع بعض أزواجه قبل النوم، إنما هو من باب المعاشرة بالمعروف وإيناس الزوجة، لا على وجه التعبد والتسنن. ففعله اتفاقي لا تعبدي، ولم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين إن السير مع الزوجة ليلًا سُنّة أو مستحب، وإنما هو من المباحات التي قد يُثاب عليها بحسب النية والمقصد، كالإيناس والإحسان.
جميع الحقوق محفوظة © 2024
Powered by Art Revo