1108-عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :«من أفطر في شهر رمضان ناسيا، لا قضاء عليه ولا كفارة».

صحيح.
الحكم على الحديث :

أورده ابن خزيمة في «1990». [صحيح ابن خزيمة (3/ 239)]. وابن حبان في «4082». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (5/ 105)]. وقال الدارقطني :«تفرد به محمد بن مرزوق وهو ثقة، عن الأنصاري». [سنن الدارقطني (3/ 142)].  وقال الحاكم :«هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه بهذه السياق». [المستدرك على الصحيحين (1/ 595)]. وذكره عبد الحق في [الأحكام الوسطى (2/ 222)]. وقال الهيثمي :«فيه محمد بن عمرو، وحديثه حسن». [مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 158)]. وصححه ابن حجر «670». [بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الزهيري (ص194)]. وقال في الفتح :«فأقل درجات الحديث بهذه ‌الزيادة ‌أن ‌يكون ‌حسنا ‌فيصلح للاحتجاج به». [فتح الباري لابن حجر (4/ 157 ط السلفية)]. وحسنه الفحل «670». [بلوغ المرام من أدلة الأحكام ت الفحل (ص265)]. والألباني «3512». [التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (5/ 346)]. وضياء الرحمن. [الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (4/ 756)]. ومحققو «3521». [الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8/ 287)]. 

لكن قال ابن عدي :«هذا غريب المتن والإسناد فغربه متنه حيث قال ‌فلا ‌قضاء ‌عليه، ‌ولا ‌كفارة وغربة الإسناد من حديث محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة ولم أر لابن مرزوق هذا أنكر من هذين الحديثين، وهو لين وأبوه محمد بن مرزوق ثقة». [الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 552)].  وقال النسائي :«هذا ‌حديث ‌منكر ‌من ‌حديث ‌محمد ‌بن ‌عمرو». [السنن الكبرى – النسائي – ط الرسالة (3/ 357)]. . وقال القاضي عياض :«أكثر أسانيدها -يريد الزيادة- ضعيفة، وقد صحح الدارقطني بعضها». [إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 59)]. وقال ابن عبد الهادي :«والمشهور في هذا الحديث هذا اللفظ المخرج في الصحيح، وهذا مروي بالمعنى». [تنقيح التحقيق – ابن عبد الهادي (3/ 232)]. وكتب العدوي مع بعض الباحثين :«التحرير يقتضي ترجيح رواية ابن سيرين -يريد التي ليست فيها الزيادة-، والعمل التقليدي قد يقتضي تحسين سند أبي سلمة، لكن نلجأ هنا – والله أعلم – إلى رواية ابن سيربن». [سلسلة الفوائد الحديثية والفقهية (3/ 189)].

أحكام المحدثين :

رواه ابن خزيمة «1990». [صحيح ابن خزيمة (3/ 239)]. وعنه ابن حبان «4082». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (5/ 105)]. ورواه الطبراني «5352». [المعجم الأوسط للطبراني (5/ 292)]. وابن عدي [الكامل في ضعفاء الرجال (7/ 551)]. والدارقطني «2243». [سنن الدارقطني (3/ 142)]. والحاكم «1569». [المستدرك على الصحيحين (1/ 595)]. عن محمد بن عبد الله الأنصاري، ثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رفعه. وقد ورد الحديث في الصحيحين بدون هذه الزيادة، ولفظه :«إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه، فإنما ‌أطعمه ‌الله ‌وسقاه». [صحيح البخاري (3/ 31)]. وبه أعل الحديث.

لكن هذه الزيادة لا تضر الحديث، ولم يأت محمد بن عبد الله بما يخالف الثقات.  ورواه الدارقطني :2242 – حدثنا عبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله، ثنا أحمد بن خليد الكندي، ثنا محمد بن عيسى بن الطباع، ثنا ابن علية، عن هشام، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «إذا أكل الصائم ناسيا أو شرب ناسيا فإنما هو رزق ساقه الله إليه ولا قضاء عليه». [سنن الدارقطني (3/ 141)]. قال بعد رواية الحديث :«إسناد صحيح وكلهم ثقات». [سنن الدارقطني (3/ 141)].  لكن الحديث عند مسلم «1155». [صحيح مسلم (3/ 160)] من طريق ابن علية وليس فيه هذه الزيادة. 

ورواه كذلك :«2244 – حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد بن سعيد الرهاوي، ثنا العباس بن عبيد الله بن يحيى الرهاوي، ثنا عمار بن مطر ، ثنا مبارك بن فضالة، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة». [سنن الدارقطني (3/ 142)]. «2245 – وقال: ونا عمار بن مطر، ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ مثله. عمار ضعيف». [سنن الدارقطني (3/ 142)].  2246 – ثنا أبو الحسن محمد بن نوح الجنديسابوري، ثنا علي بن حرب الجنديسابوري ، ثنا سليمان بن أبي هوذة ، ثنا نصر بن طريف، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ قال :«من أكل أو شرب ناسيا فليمض في صومه ولا قضاء عليه». نصر بن طريف أبو جزء ضعيف. [سنن الدارقطني (3/ 143)]. 2247 – حدثنا أبو جعفر محمد بن سليمان بن محمد النعماني، ثنا أحمد بن منصور الرمادي، ثنا يزيد بن أبي حكيم العدني، ثنا ياسين بن معاذ الكوفي، عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ  قال: «من أكل أو شرب في رمضان ناسيا فليتم صومه ولا قضاء عليه». وذكر هو أو غيره، قال: إن الله أطعمك وسقاك. ياسين ضعيف الحديث، وعبد الله بن سعيد مثله. [سنن الدارقطني (3/ 143)]. وروي من طريق  مندل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ :«من أكل أو شرب ناسيا فإنما هو رزق رزقه الله إياه فليتم على صومه ولا قضاء عليه». مندل وعبد الله بن سعيد ضعيفان. [سنن الدارقطني (3/ 143)]. وهذه الطرق وإن كانت ضعيفة فهي تزيده قوة. 

وفي الباب عن أم حكيم بنت دينار، عن مولاتها أم إسحاق :«أنها كانت عند رسول الله ﷺ، فأتي بقصعة من ثريد، فأكلت معه، ومعه ذو اليدين، فناولها، رسول الله ﷺ عرقا، فقال يا أم ‌إسحاق، ‌أصيبي من هذا فذكرت أني كنت صائمة، فبردت يدي، لا أقدمها ولا أؤخرها، فقال النبي ﷺ: ما لك؟. قالت: كنت صائمة فنسيت، فقال ذو اليدين: الآن بعدما شبعت! فقال النبي ﷺ:  أتمي صومك، فإنما هو رزق ساقه الله إليك». [مسند أحمد (44/ 626 ط الرسالة)]. لكن إسناده ضعيف.

قول الدارقطني :«تفرد به محمد بن مرزوق وهو ثقة، عن الأنصاري». [سنن الدارقطني (3/ 142)]. لا يسلم، فقد رواه ابراهيم بن محمد بن مرزوق الباهلي البصري. [صحيح ابن خزيمة (3/ 239)]. وأبو حاتم محمد بن إدريس. [المستدرك على الصحيحين (1/ 595)]. عنه. والمراد أنه انفرد بذكر إسقاط القضاء فقط لا بتعيين رمضان.

أما قول النسائي :«هذا ‌حديث ‌منكر ‌من ‌حديث ‌محمد ‌بن ‌عمرو». [السنن الكبرى – النسائي – ط الرسالة (3/ 357)]. وقد ذكره بلفظ :«في الرجل يأكل في شهر رمضان ناسيا قال: الله أطعمه وسقاه». [السنن الكبرى – النسائي – ط الرسالة (3/ 357)]. فهو يريد نكارة ذكر رمضان.

تخريج الحديث :

اختلف العلماء في حكم من أتى شيئا من المفطرات ناسيا :

 القول الأول : صومه صحيح وهو قول الجمهور من الحنفية والحنابلة والشافعية والظاهرية، وهو قول علي بن أبي طالب، وبه قال أبو هريرة، وابن عمر، وعطاء، وطاوس، والنخعي، والثوري، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، وأبو ثور.[الإشراف.ابن المنذر.126/3)].   

 واستدلوا :

– قول ربنا:﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخْطَأْتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْۖ﴾ [الأحزاب: 5]. فالله سبحانه رفع الحرج عن الناسي عموما، والصائم قد نسي ولم يتعمد.

ورُد على هذا بأن الناسي يرفع عنه الإثم ولا يرفع عنه القضاء، ألا ترى أن من نسي صلاة لزمه القضاء؟!.

– قال النبي ﷺ:”إذا نسي فأكل وشرب، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه”.[البخاري.1933.مسلم.1155].

ورُد عليهم بأن هذا إخباره وامتنان من الله برفع الإثم عنه وبسقيه، فهذا يقتضي نفي الإثم لا نفي القضاء.[الذخيرة.القرافي.521/2)].

-قال النبي ﷺ:”من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة”.[سنن الدارقطني.2243]. وهذا دليل صريح لا يقبل التأويل.

ورد عليهم بانه الحديث ضعيف والزيادة تلك شاذة!.

ويجاب بأن هذه مكابرة، فالحديث صحيح والزيادة زيادة ثقة فلا مجال لتضعيفها.

القول الثاني : أن من أكل ناسيا لزمه القضاء وهو قول ربيعة ومالك إلا أنهم لم يوجب ذلك في التطوع، واستدلوا :

– قال ربنا:﴿ ثُمَّ أَتِمُّواْ اُ۬لصِّيَامَ إِلَي اَ۬ليْلِۖ﴾ [البقرة: 187]. والذي أكل ناسيا لم يتم صومه.

ورد عليهم بأن هذا القطع إنما كان لعذر، كمن تكلم في الصلاة من أجل إصلاحها.

– القياس على الصلاة فمن نسي صلاة لزمه أن يقضيها، وكذا القياس على من نسي النية، فإن من نسي النية وجب عليه القضاء.

ورد عليهم بأن هذا قياس مع النص، والنية شرط والمبطلات ليست كذلك.[لمغني.368/4].

والظاهر أن الناسي لا قضاء عليه ويصح صومه، قال أبو العباس القرطبي:”هذه النصوص لا تقبل ذلك الاحتمال. والشأن في صحتها، فإن صحّت وجب الأخذ بها، وحكم بسقوط القضاء”[لمفهم.221/3].

شرح مشكل الحديث:
Facebook
X
Telegram
WhatsApp
Threads