قوله (حتى حزن النبي ﷺ فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال..). قال ابن حجر:«القائل فيما بلغنا هو الزهري، ومعنى الكلام أن في جملة ما وصل إلينا من خبر رسول الله ﷺ في هذه القصة هو من بلاغات الزهري وليس موصولا». [فتح الباري لابن حجر (12/ 359 ط السلفية)]. وضعف هذه الزيادة الألباني[سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (3/ 162)]. وفي كتابه[دفاع عن الحديث النبوي (ص41)]. وقال بأو شهبة:«وهذه الرواية ليست على شرط الصحيح لأنها من البلاغات، وهي من قبيل المنقطع، والمنقطع من أنواع الضعيف، والبخاري لا يخرج إلا الأحاديث المسندة المتصلة برواية العدول الضابطين، ولعل البخاري ذكرها لينبهنا إلى مخالفتها لما صح عنده من حديث بدء الوحي، الذي لم تذكر فيه هذه الزيادة». [السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة (1/ 265)]. وقال محققو السير :«مرسل». [سير أعلام النبلاء – ط الحديث (1/ 195)]. وقال ضياء الرحمن:«من بلاغات الزهري غير موصول». [الجامع الكامل في الحديث الصحيح الشامل المرتب على أبواب الفقه (1/ 113)]. وقال محققو المسند:«إسناده صحيح على شرط الشيخين. دون قوله: حتى حزن رسول الله ﷺ -فيما بلغنا- حزنا.. فهو بلاغات الزهري، وهي واهية». [مسند أحمد (43/ 114 ط الرسالة)].
الحديث رواه البخاري في مواطن، أما قوله :(حتى حزن النبي ﷺ فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال..). فرواه عبد الرزاق «10554». [مصنف عبد الرزاق (6/ 10 ط التأصيل الثانية)]. ومن طريقه أحمد «25959». [مسند أحمد (43/ 112 ط الرسالة)]. والبخاري «6982». [صحيح البخاري (9/ 29 ط السلطانية)]. عن معمر، عن الزهري قال : .. فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال..». [صحيح البخاري (9/ 30 ط السلطانية)]. فتبين أن هذا الخبر من كلام الزهري أو معمر، وكلاهما لم يدرك النبي ﷺ، فالخبر غير متصل وليس على شرط البخاري، وقوله (بلغنا) هذا معروف في علم الحديث بـ(البلاغات) وقد أكثر منها مالك في موطئه، فمن شروط البخاري أن يكون الحديث متصلا مسندا، هذا موضوع الكتاب، بينما الخبر ليس بمتصل مسند.
ذكر محاولة انتحار النبي ﷺ لم يصح، لكن يبقى إشكال إيراد البخاري له في صحيحه!.
البخاري رحمه الله ذكر الحديث لبيان ضعفه، وذلك لأنه ذكره في مواضع من صحيحه دون ذكر هم النبي ﷺ بالتردي، فقد ذكر الحديث في «بدء الوحي». [صحيح البخاري (1/ 6 ط السلطانية)]. وفي «كتاب أحاديث الأنبياء». [صحيح البخاري (4/ 131 ط السلطانية)]. وذكره في أبواب كثيرة من «كتاب التفسير». [صحيح البخاري (6/ 16 ط السلطانية)]. ولم يذكر هم النبي ﷺ بالانتحار.
وإنما ذكر ذلك في «كتاب التعبير». [صحيح البخاري (9/ 29 ط السلطانية)] عرضا، فالبخاري قد يورد أخبارا ليست على شرطه من أجل أن ينبه على ضعفها، ومن لم يمارس مناهج المحدثين لم يفهم مرادهم. إذا لم يتعرض الدارقطني الذي تتبع أحاديث البخاري لهذا النوع، لأنه خارج عن موضوع الكتاب.
جميع الحقوق محفوظة © 2024
Powered by Art Revo