599-عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ :«من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فقد لغا، ومن ‌لغا ‌فلا ‌جمعة ‌له».

حسن لغيره.
الحكم على الحديث :

أثبته الغماري في رسالته [تبيين البله ممن أنكر وجود حديث : ومن لغا فلا جمعة له(ط دار الحديث الكتانية)]. وقال محققو المسند في الهامش:«إسناده حسن في الشواهد». [سنن أبي داود (2/ 284 ت الأرنؤوط)].

لكن قال السخاوي :«لم أقف عليه بهذا اللفظ». [الأجوبة المرضية فيما سئل السخاوي عنه من الأحاديث النبوية (1/ 159)]. وذكر أن له جزءا مفردا فيه. [المقاصد الحسنة (ص91)]  ونفى وجوده محمد بن عبد الحي الكتاني في رسالته [عقد اليواقيت والزبرجد في أن من لغا فلا جمعة له مما نقب عنه من الأخبار فلم يوجد (ط دار الحديث الكتانية)].

أحكام المحدثين :

بهذا اللفظ رواه بَحشل :«ثنا يزيد بن صالح، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أنا العلاء بن رائد عن مجالد عن الشعبي عن ابن عباس..». [تاريخ واسط (ص125)]. العلاء مجهول.«‌‌3160». [التاريخ الكبير للبخاري (6/ 513 ت المعلمي اليماني)]. ومجالد له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة، وعن غير جابر من الصحابة أحاديث صالحة، وجملة ما يرويه عن الشعبي، وقد رواه عن غير الشعبي ‌ولكن ‌أكثر ‌روايته ‌عنه، ‌وعامة ‌ما ‌يرويه ‌غير ‌محفوظ. [الكامل في ضعفاء الرجال (8/ 169)].  بينما رواه ابن أبي شيبة :«5305 – حدثنا ابن نمير، عن مجالد، عن عامر-هو الشعبي-، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله ﷺ: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب، فهو كالحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت، ‌ليست ‌له ‌جمعة». [مصنف ابن أبي شيبة (1/ 458 ت الحوت)]. فخالف ابن نمير العلاء في لفظ الحديث.

ورواه عبد الرزاق عن عمر بن راشد، عن يحيى بن أبي كثير عن النبي ﷺ قال :«من أدرك الخطبة فقد أدرك الجمعة، ومن لم يدرك الخطبة فقد أدرك الصلاة، ومن دنا من الإمام فاستمع وأنصت كان له كفلان من الأجر، ومن لم يستمع، ولم ينصت، كان عليه كفلان من الوزر، ومن قال: صه والإمام يخطب، فقد لغا، ومن ‌لغا ‌فلا ‌جمعة ‌له – أو قال: فلا شيء له». [مصنف عبد الرزاق (3/ 501 ط التأصيل الثانية)]. وهذا مرسل.

وفي الباب 1051 – حدثنا إبراهيم بن موسى، أنا عيسى، نا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثني عطاء الخراساني، عن مولى امرأته أم عثمان، قال :«سمعت عليا رضي الله عنه على منبر الكوفة يقول.. ‌ومن ‌لغا ‌فليس ‌له في جمعته تلك شيء». [سنن أبي داود (1/ 406 ط مع عون المعبود)]. وإسناده ضعيف لإبهام مولى امرأة عثمان.

 وما رواه الطيالسي:2486 – حدثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال :«بينما رسول الله ﷺ يخطب يوم الجمعة إذ قال أبو ذر لأبي بن كعب: متى أنزلت هذه السورة؟. فلم يجبه، فلما قضى صلاته قال له: ما لك من ‌صلاتك ‌إلا ‌ما ‌لغوت». [مسند أبي داود الطيالسي (4/ 121)]. محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص له أوهام، وهو مختلف عنه، فأما عمر بن أبي سلمة فرواه عن أبيه، عن أبي هريرة، قاله أبو عوانة، عنه. وأما يحيى بن أبي كثير؛ فرواه معاوية بن سلام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. قال: ذلك محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن يحيى بن بشر، عنه. وخالفه بشر بن موسى فرواه عن يحيى بن بشر، ولم يذكر أبا هريرة. ورواه الأوزاعي، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: دخل أبو ذر، ولم يذكر أبا هريرة. واختلف عن محمد بن عمرو، فقال أسود بن عامر: عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وخالفه أحمد بن يونس، وموسى بن إسماعيل فروياه، عن حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة مرسلا. وكذلك رواه زائدة، وإسماعيل بن جعفر، عن محمد بن عمرو مرسلا. والمرسل أصح. [علل الدارقطني = العلل الواردة في الأحاديث النبوية (8/ 51)].

وما رواه عبد الله في زوائده على والده :« 21287 – حدثني مصعب بن عبد الله الزبيري، حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي بن كعب: أن رسول الله ﷺ قرأ يوم الجمعة براءة، وهو قائم يذكر بأيام الله، وأبي بن كعب وجاه النبي ﷺ وأبو الدرداء وأبو ذر، فغمز أبي بن كعب أحدهما فقال: متى أنزلت هذه السورة يا أبي؟ فإني لم أسمعها إلا الآن! فأشار إليه، أن اسكت، فلما انصرفوا، قال: سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني. قال أبي: ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت، فذهبت إلى رسول الله ﷺ فذكرت ذلك له، وأخبرته بالذي قال أبي، فقال: صدق أبي». [مسند أحمد (35/ 208 ط الرسالة)]. وإسناده حسن إن ثبت سماع عطاء بن يسار من أبي بن كعب.

وما رواه أبو داود :347 – حدثنا ابن أبي عقيل ومحمد بن سلمة المصريان، قالا: نا ابن وهب، قال ابن أبي عقيل : قال: أخبرني أسامة، يعني ابن زيد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن النبي ﷺ أنه قال :«من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها، ولبس من صالح ثيابه، ثم لم يتخط رقاب الناس ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما، ومن لغا وتخطى رقاب الناس ‌كانت ‌له ‌ظهرا». [سنن أبي داود (1/ 137 ط مع عون المعبود)]. وإسناده حسن.

ومجموع هذه الأحاديث تفيد معنى حديث الباب، فهي كلها تدور على أن من لغا فلا جمعة له، قال ابن رجب:«وقد روي في أحاديث متعددةٍ مرسلةٍ، وبعضها متصلة الأسانيد، وفيها ضعف، أن من لغا لا جمعة له، وأن ذلك حظه منها». [فتح الباري لابن رجب (8/ 281)].

تخريج الحديث :

المقصود بنفي صحة جمعته نفي الثواب، قال ابن عبد :«وقول من قال: لا جمعة له. فهذا محمله ‌عندنا، ‌على ‌أنه ‌ليس ‌له ‌ثواب من صلى الجمعة وأنصت، لا أنه أفسد الكلام صلاته وأبطلها». [التمهيد – ابن عبد البر (11/ 638 ت بشار)] أو  أنه يريد الإثم بلغوه، كما قال ابن حبان :«وهذا كقوله ﷺ:من ‌لغا ‌فلا ‌جمعة ‌له. يريد به: فلا جمعة له من غير إثم يرتكبه بلغوه». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (2/ 36)].

شرح مشكل الحديث:
Facebook
X
Telegram
WhatsApp
Threads