احتج به البخاري «5772». [صحيح البخاري (7/ 138)]. ومسلم «2225». [صحيح مسلم (7/ 33)]. وأصلحه أبو داود «3922». [سنن أبي داود (4/ 28 ط مع عون المعبود)]. وقال الترمذي :«حديث حسن صحيح». [سنن الترمذي (4/ 514)].
لكن تفرد الألباني بإعلال هذا اللفظ بالشذوذ ورجح رواية التعليق (إن كان الشؤم).[سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (4/ 565)].
رواه البخاري «5772 ». [صحيح البخاري (7/ 138)]. ومسلم«2225». [صحيح مسلم (7/ 34)]. عن ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر.. وللحديث طرق عن ابن عمر وصلت لسبعة، خمسة منها بالجزم.
وورد كذلك من حديث سهل «2859». [صحيح البخاري (4/ 29)]. وجابر «2227». [صحيح مسلم (7/ 35)]. وسعد بن مالك «3921». [سنن أبي داود (4/ 28 ط مع عون المعبود)].
فلا وجه لحكم الشيخ الألباني عليه بالشذوذ، وقد استغرب هذا منه العلامة الإثيوبي[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (29/ 382)]. لأن الحديث له طرق عن ابن عمر، وورد بالجزم كذلك عن أم سلمة «1995». [سنن ابن ماجه (1/ 642 ت عبد الباقي)].
من المعلوم شرعا أن التشاؤم محرم في الإسلام، لذا لم يقل أحد بأن هذه الأمور المذكورة تؤثر، واختلفوا في توجيه الحديث على أقوال :
1. أن الحديث على ظاهره، وأن الأحاديث التي فيها نهي عن التشاؤم عامة، وهذه خاصة، ولا يراد بهذا ما كان تعتقده الجاهلية، وإنما له تغيير المذكورات، ودليلهم حديث أنس بن مالك قال :«قال رجل: يا رسول الله ﷺ، إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى، فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا، فقال رسول الله ﷺ: ذروها ذميمة». [سنن أبي داود (4/ 29 ط مع عون المعبود)]. فأمرهم النبي ﷺ بترك الدار لما حصل لهم، فليس في الحديث إثبات تأثير الدار، وإنما أباح لهم تركها. وهذا قول مالك. لكن الحديث ضعيف.
2.أن التشاؤم في هذه الأمور يقع على المتشائم وحده، وهذا كالعقوبة له، قاله ابن قتيبة. ودليلهم حديث :«أنس بن مالك يقول: قال رسول الله ﷺ: لا طيرة، والطيرة على من تطير». [صحيح ابن حبان: التقاسيم والأنواع (7/ 466)]. تفرد بهذا اللفظ عتبة بن حميد.
3.أن الحديث فيه إخبار عما كان يعتقده الناس في الجاهلية، وهذا قول عائشة رضي الله عنها، وانتصر له الطحاوي، والدليل هو ما رواه أحمد عن أبي حسان، أن رجلا قال لعائشة :«إن أبا هريرة يحدث أن رسول الله ﷺ قال: إن الطيرة في المرأة والدار والدابة. فغضبت غضبا شديدا، طارت شقة منها في السماء، وشقة في الأرض، فقالت: إنما كان أهل الجاهلية يتطيرون من ذلك». [مسند أحمد (42/ 88 ط الرسالة)].
4.أن ما في الحديث له أغراض أخرى مقصودة، فشؤم المرأة يراد بها سلاطة اللسان، وشؤم الدار ضيقها، وشؤم الفرس جماحه، بدليل قوله ﷺ :«من سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقوة ابن آدم ثلاثة: من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء». [مسند أحمد (3/ 55 ط الرسالة)].
5.أن الحديث فيه نفي للتشاؤم في هذه الأمور المذكورة، بدليل حديث ابن عمر قال :«ذكروا الشؤم عند النبي ﷺ فقال النبي ﷺ: إن كان الشؤم في شيء ففي الدار والمرأة والفرس». [صحيح البخاري (7/ 8)]. فقوله (إن كان) دليل على عدم وجوده، كقولك إن كان في هذه الدار أحد فزيد، غير إثبات منه أن فيها زيدا، بل ذلك من النفي أن يكون فيها زيد، أقرب منه إلى الإثبات أن فيها زيدا. [تهذيب الآثار – مسند علي (3/ 34)].
6.معنى الحديث: إخباره ﷺ عن الأسباب المثيرة للطيرة الكامنة في الغرائز، يعني: أن المثير للطيرة في غرائز الناس هي هذه الثلاثة، فأخبرنا بها لنأخذ الحذر منها، فقال: «الشؤم في الدار والمرأة والفرس»، أي: أن الحوادث التي تكثر مع هذه الأشياء، والمصائب التي تتوالى عندها، تقود الناس إلى التشاؤم بها. [مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (3/ 1555)].
فليس في الحديث إثبات التشاؤم في هذه الأمور، ولم يقل به أحد، قال القرطبي :«ولا يظن بمن قال هذا القول أن الذي رخص فيه من الطيرة بهذه الأشياء الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقد فيها وتفعل عندها، فإنها كانت لا تقدم على ما تطيرت به ولا تفعله بوجه بناء على أن الطيرة تضر قطعا، فإن هذا ظن خطأ، وإنما يعني بذلك أن هذه الثلاثة أكثر ما يتشاءم الناس بها لملازمتهم إياها، فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فقد أباح الشرع له أن يتركه ويستبدل به غيره مما تطيب به نفسه ويسكن له خاطره، ولم يلزمه الشرع أن يقيم في موضع يكرهه أو مع امرأة يكرهها، بل قد فسح له في ترك ذلك كله، لكن مع اعتقاد أن الله تعالى هو الفعال لما يريد وليس لشيء من هذه الأشياء أثر في الوجود، وهذا على نحو ما ذكرناه في المجذوم.». [المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (5/ 629)].
جميع الحقوق محفوظة © 2024
Powered by Art Revo