154-عن زيد بن أبي أوفى، قال :«دخلت على رسول الله ﷺ في مسجد المدينة، فجعل يقول: أين فلان بن فلان فلم يزل يتفقدهم ويبعث إليهم حتى اجتمعوا عنده، فقال: إني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم، إن الله اصطفى من خلقه خلقا. ثم تلا هذه الآية {الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس} [الحج: 75] خلقا يدخلهم الجنة، وإني مصطفى منكم من أحب أن أصطفيه ومؤاخ بينكم كما آخى الله بين الملائكة، قم يا أبا بكر فقام فجثا بين يديه، فقال: إن لك عندي يدا، إن الله يجزيك بها، فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا، فأنت مني بمنزلة قميصي من جسدي، وحرك قميصه بيده، ثم قال: ادن يا عمر، فدنا فقال: قد كنت شديد الشغب علينا أبا حفص فدعوت الله أن يعز الدين بك أو بأبي جهل، ففعل الله ذلك بك، وكنت أحبهما إلي، فأنت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة. ثم تنحى وآخا بينه وبين أبي بكر، ثم دعا عثمان، فقال: ادن يا عثمان، ادن يا عثمان. فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله ﷺ، ثم نظر إليه، ثم نظر إلى السماء، فقال: سبحان الله العظيم ثلاث مرات، ثم نظر إلى عثمان، فإذا أزراره محلولة، فزررها رسول اللهﷺ بيده، ثم قال: اجمع عطفي ردائك على نحرك، فإن لك شأنا في أهل السماء، أنت ممن يرد علي الحوض وأوداجه تشخب دما، فأقول: من فعل هذا بك؟ فتقول فلان وفلان، وذلك كلام جبريل عليه السلام وذلك إذ هتف من السماء إلا إن عثمان أمين على كل خاذل. ثم دعا عبد الرحمن بن عوف، فقال: ادن يا أمين الله والأمين في السماء يسلطك الله على مالك بالحق، أما إن لك عندي دعوة وقد أخرتها. قال: خر لي يا رسول الله، قال: حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر الله مالك، قال: وجعل يحرك يده، ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان، ثم دخل طلحة والزبير، فقال: ادنوا مني، فدنوا منه فقال: أنتما حواريي كحواريي عيسى ابن مريم عليه السلام. ثم آخى بينهما، ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر، فقال: يا عمار تقتلك الفئة الباغية. ثم آخى بينهما، ثم دعا عويمرا أبا لدرداء وسلمان الفارسي، فقال: يا سلمان أنت منا أهل البيت، وقد آتاك الله العلم الأول والعلم الآخر والكتاب الأول والكتاب الآخر ثم قال: ألا أرشدك يا أبا الدرداء؟. قال: بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله، قال: أن تنقذ ينقذوك وإن تتركهم لا يتركوك، وإن تهرب منهم يدركوك فأقرضهم عرضك ليوم فقرك. فآخى بينهما، ثم نظر في وجوه أصحابه، فقال: أبشروا وقروا عينا فأنتم أول من يرد علي الحوض، وأنتم في أعلى الغرف» ثم نظر إلى عبد الله بن عمر، فقال: الحمد لله الذي يهدي من الضلالة. فقال علي: يا رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت بأصحابك غيري، فإن كان من سخطة علي فلك العتبى والكرامة، فقال: والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت عندي بمنزلة هارون من موسى ووارثي فقال: يا رسول الله، ما أرث منك؟ قال: ما أورثت الأنبياء. قال: وما أورثت الأنبياء قبلك؟ قال: كتاب الله وسنة نبيهم، وأنت معي في قصري في الجنة مع فاطمة ابنتي، ورفيقي. ثم تلا رسول الله ﷺ الآية {إخوانا على سرر متقابلين} [الحجر: 47] الأخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض».